مسجد ومدرسة الناصر قلاوون بقلعة صلاح الدين بالقاهره
مسجد الناصر محمد بن قلاوون بالقلعة. كان موضع المسجد قبل إنشائه مسجد صغير ومخازن للمفروشات بالقلعة فأزاله السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون وأنشأ مكانه هذا المسجد سنة 1318, وفي سنة 1334 هدمه وأعاد بناؤه, وقرر تدريس الفقه به
يعتبر هذا المسجد من المساجد الأثرية المهمة في العصر المملوكي عامة ومن منشآت أسرة قلاوون خاصة،و يقع هذا الجامع في وسط القلعة تقريباًويقع علي يسار السالك من باب القلعة الكبير،وقد قام الناصر محمد بإنشاء جامعه هذا في موقع جامع الكامل محمد حيث كان مسجد سعد الدولة هو أكبر مساجد القلعة ، ولوقوعه علي القسم السلطاني أو في دار السلطنة بالقلعة ، فقد تم أختياره كمسجد جامع للقلعة ، بالإضافة إلي وجود عدد من مساجد الصلوات في أنحاء متفرقة من القلعة ، ومع التوسعات المتلاحقة التي شهدتها القلعة بدءاً من عصر الظاهر بيبرس إلي عصر الناصر محمد بن قلاوون والتزايد المستمر في أعداد المماليك خاصة المماليك السلطانية ، باتت الحاجة ملحة إلي إعادة إنشاء مسجد جامع بالقلعة يكون أكبر حجماً من مسجدها القديم وهذا ما أتجه إليه الناصر محمد.
وقد شرع الناصر محمد في إنشاء جامعه هذا سنة(718هـ/1318م) حيث قام بهدم الجامع القديم و إعادة إنشاءه من جديد ،حيث ضم إليه منشات كانت بجواره وهي :. الحوائجخانة و الطشتخانة و الفرشخانة وهي منشات خدمية هدمت لكي يتم زيادة مساحة المسجد ، و انتهت عمارة هذا المسجد في أربعة شهور و خمسة و عشرين يوماً وكان هذا الجامع يعرف بأسم الجامع الناصري نسبة إلي الناصر محمد و بأسم جامع الخطبة وذلك لأنه كان الجامع الرسمي الذي تقام فيه صلاة الجمعة داخل المقر الرسمي للحكم في عصر المماليك
وفي عام (735ه/1335م) شرع الناصر محمد في تجديد عمارة مسجده ، و قد حاء هذا القرار في أعقاب الانتهاء من الإيوان الناصري المواجه للمسجد ،والذي يبدو من تتبع الربط بين المنشأتين أن الناص أراد أن يخلق توازناً معمارياً بينهما، وذلك أن عمارة الإيوان جاءت أكثر ارتفاعا ًمن المسجد وتميزت عنه بقبته الخضراء العالية .
وقد قام الناصر محمد بتوسيع الجامع ليتسع لما يقرب من خمسة آلاف مصلي وظل يٌستخدم كمسجد جامع لساكني القلعة وما حولها طوال الحكم المملوكي ثم العثماني من بعده،حتى أقام محمد علي باشا جامعه في مقابلته من الجهة الغربية.وأحُتفظ باللوحة التذكارية للإنشاء الأول فوق الباب الغربي ثم نقشت لوحة تذكارية أخري بتاريخ عمارته الثانية ثبتها علي الباب البحري.
يعتبر هذا الجامع من الجوامع ذات الحجم الكبير،ويتبع نظام التخطيطات الأولي للمساجد ، ويتكون هذا الجامع من شكل مربع تقريباً، إذ يبلغ طوله من الشمال إلي الجنوب 63م ،وعرضه من الشرق إلي الغرب 57م وهو يتكون من صحن أوسط مكشوف مساحته 35.5م طولاً×23.5م عرضاً ، تحيط به أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة ، ويشتمل رواق القبلة علي أربعة صفوف من العقود (أربع بلاطات) موازية لجدار القبلة مكونة من بائكات من عقود علي شكل حدوة الفرس ، وقد قويت أركان الصحن بأربعة أعمدة جرانيتية ضخمة ، بينما يشتمل كل من الأروقة الثلاثة الأخرى علي صفين من العقود ترتكز جميعها علي أعمدة رخامية مختلفة الأحجام و متنوعة التيجان ، بمجموع 72 عمود ، وهذه التيجان قديمة و متعددة الأشكال منها البيزنطي والقبطي وغيرها ، و يجئ فوق العقود صف من الفتحات المعقودة و نظمت بحيث أصبحت كل كوشة عقد تعلوها فتحتان ، وقد سبق أن رأينا هذا التنظيم المعماري في الجامع الأموي بدمشق ، وكان الغرض من هذه الفتحات هو إضاءة و تهوية الأروقة و تخفيف الضغط علي العقود والأعمدة التي يعلوها هذا الصف من الفتحات ذات العقود المستديرة ، ويشتمل رواق القبلة علي أربعة صفوف من البوائك تحتوي كل بائكة منها علي عشرة أعمدة تحمل أحد عشر عقداً ، و تسير أروقة القبلة موازية لجدار القبلة ، باستثناء البائكتين الأولي و الثانية التي حذف من كل منهما عمودين لإيجاد مسحة مربعة أمام ليغطيها قبة ضخمة ، وتتميز هذه المساحة المربعة بأنها محددة المعالم وطول ضلعها 16.77م .
يوجد نقش فوق أحد أعمدة الرواق الغربي المطلة علي الصحن مزولة شمسية وهي من عمل أحمد بن بكتمر الساقي وهي تعتبر أقدم الأمثلة القائمة بمساجد مصر الإسلامية بعد مزولة جامع أحمد بن طولون التي أضيفت إليه أثناء تجديدات السلطان لاجين سنة 696هجريه /1296م